يعد إبراهيم عليه السلام هو الجد الأول لبني إسرائيل ،وقد نشأ أبو الأنبياء (إبراهيم عليه السلام) في مدينة أور جنوبي مدينة بابل ،في بلاد ما بين النهرين (العراق) ،وكانت مدينة أور مركزا للعبادة الوثنية ،في حين كان إبراهيم عليه السلام ،يؤمن بإله واحد ،ولا يتعبد إلا له، وهو الله جل جلاله وعلا سلطانه ،ومن ثم كان هدفاً للاضطهاد من جانب الوثنيين ،فحاولوا حرقه ،ولكن الله نجاه ، وقال للنار أن تكون برداً وسلاماً عليه، ويقول تعالى في سورة الأنبياء (قالوا حرقوه وانصروا آلهتكم إن كنتم فاعلين، قلنا يا نار كوني برداً وسلاماً على إبراهيم ،وأرادوا به كيداً فجعلناهم الأخسرين ) .
وبعد هذه الحادثة رحل إبراهيم عليه السلام ،وأسرته ،إلى مدينة أخرى ،تدعي مدينة (حاران) ،ولما مات والده ،نزح مع قومه إلى أرض كنعان المعروفة اليوم (بأرض فلسطين) ، وكان ذلك في حوالي سنة 2000 قبل الميلاد .
وفي طريقهم من العراق إلى كنعان (فلسطين) ،عبروا نهر الفرات ،ولذلك سميوا بالعبرانيين.
وفي كنعان استقر إبراهيم وقومه ،في مدينة ( شكيم ) ، إلا أنه حدث في هذه الأيام جوع في أرض كنعان ،فانحدر إبراهيم وقومه إلى مصر ، وكان ذلك إبان حكم الهكسوس لها ، وبعد أن لبث فيها زمناً عاد إلى أرض كنعان ،واستقر في مدينة (حبرون) ، وظل هناك حتى مات ، وبعد موته ورثه ابنه (إسحاق ) وهو الجد الثاني لبني إسرائيل ، وأنجب إسحاق (يعقوب ) ، الذي لقب بـ (إسرائيل) ،"وهي كلمة عبرية مكونة من مقطعين وتعني (عبد الله)" ، ونسبة لهذا الاسم لقب اليهود بالإسرائيليين أو بني إسرائيل .
ويعقوب عليه السلام هو الجد الثالث لبني لإسرائيل ؛ وكان ليعقوب اثني عشر ولداً ذكراً ، وبنتاً واحدة ،وهي (دينا) " من زوجته ليا" التي تزوجت من كنعاني ،ولا تحسب من أسباط اليهود .
أما الأسباط الذين كونوا نواة بني إسرائيل ،وهم أبناء يعقوب عليه السلام ، الذكور الاثني عشر ،فمن زوجته (ليا) "روبيل " أكبر أبنائه ،ثم ، شمعون ، لاوي ،يهوذا ،ايساخر ،زابلون.
ومن زوجته (راحيل ) "يوسف وبنيامين".
ومن (أمة ليا ) "جاد ، وأشير ".
ومن (أمة راحيل) "دان ،ونفتالي".
وكان أحب أولاد يعقوب إليه "يوسف عليه السلام" ، الذي نقم عليه إخوته ،وألقوه في البئر ، فوجده تجار كانوا ذاهبين إلى مصر ،فأخذوه معهم ، وباعوه إلى عزيز مصر (وزيرها) ،وكان ذلك في زمن حكم الهكسوس ؛ وكان اسم عزيز مصر في ذلك الوقت (اطفير بن روحيب) ،وقال الإنجيليون (فوطيفار) ، وقيل اسم امرأة العزيز (راعيل بنت رماييل ) ،وقيل كان اسمها (زليخا ) ،"والظاهر أنه لقبها" ، وقيل (فكا بنت ينوس) ،وكانت بنت حاكم مدينة (عين شمس) الحالية ، أما عن اسم ملك مصر في ذلك الوقت فكان (الريان بن الوليد) .
وعندما اشتراه العزيز ، أوصى امرأته أن تكرم مثواه ،عسى أن ينفعهم أو يتخذوه ولداً ،وعندما كبر يوسف عليه السلام حدثت قصته مع امرأة العزيز ، وحكم عليه بالسجن بضع سنين ؛ ولما خرج من السجن،استتب أمره وعُين على خزائن الأرض ، وبعث وأتى بإخوته ،وأبيه إلى مصر ،وأقطعهم بناءً على أمر الملك قطعة من أرض الدلتا ،فأقاموا فيها "430 سنة" .
وما فتئت سلالة أبناء يعقوب تتزايد ، ولقد ذكر في سفر "الخروج" أنهم كانوا عند خروجهم من مصر ستمائة ألف رجل من المشاة ،فإذا أضفنا إليهم الأطفال ،والنساء ،والعجائز ،سيبلغون أكثر من مليون ،فلما تزايد عددهم ،واستفحل أمرهم على هذه الصورة ،أثاروا قلق الفراعنة ،فضيقوا عليهم الخناق ،إلا أنه ظهر من بينهم زعيم قوي هو "موسى عليه السلام" ، الذي عمل على جمعهم.
وكان اليهود يعملون في مدينة تسمى (رمسيس) ؛ وتتحدث لوحة حجرية من عهد مرنبتاح (ابن رمسيس الثاني) ،عن التنكيل ببني إسرائيل ، فاستنتج من ذلك أن الذي اضطهدهم هو رمسيس الثاني ، ومن وراءه ابنه مرنبتاح ، وأن خروجهم من مصر حدث في عهد مرنبتاح أي سنة 1230 قبل الميلاد .
غير أن اللوحة المسماة ، بلوحة إسرائيل (وهي لوحة تتكون من 28 سطرا ، 25 سطرا منها تتحدث عن انتصار الفرعون على الليبيين ، ولم يأت ذكر فلسطين إلا في الخاتمة المكونة من ثلاثة أسطر ، والتي يظهر فيها اسم إسرائيل الشهير ضمن عدة أسماء) ،تدل على أن اليهود كانوا قد ذهبوا إلى فلسطين في ذلك الوقت ؛ فإذا وضعنا في اعتبارنا التاريخ التي تنص عليه التوراة ، ونتائج الحفر عند (أريحا) ، يبدو من المحتمل أن محنتهم هذه حدثت في عهد (سيتي الأول)"أبو رمسيس الثاني" وأنهم تخلصوا منها سنة 1290 قبل الميلاد .
ويبدو أن حادثة الخروج بالنسبة لحكومة الرعامسة (الأسرة 19 الفرعونية) ،كانت بمثابة هجرة لعمال البدو ضمن آخرين دفعهم للتمرد ،وحرضهم عليه موظف ثائر ، وبالرغم من أن الواقعة محيرة ،إلا أنها قليلة الشأن بالنسبة للأزمات الدولية ،التي جعلت مثل هذه الهجرة ممكنة .
أما عن الطريق الذي سلكه الإسرائيليون ،فهناك روايتان متناقضتان منذ العصور ؛ فيقال أنهم خرجوا سيراً على الأقدام ،عن طريق الحصون الخطرة ،التي كانت تحدد الطريق من بلوزيوم إلى الجيزة ،وأما البحر الذي شطره الله لهم في هذه الحالة فهو البحيرات الواقعة شرقي بورسعيد .
أما الرواية الأخرى ، وهي بلا شك أكثر صحة ،وتقول أن النبي موسى عليه السلام ،سار هو وقومه خلال الأراضي الجرداء في برزخ السويس ،حتى وصلوا لخليج السويس (البحر الأحمر) ،وهو البحر الذي شطره الله لهم.
وتتضمن رواية التوراة أحداثاً حدثت أثناء خروجهم أشبه بالمعجزات ، ويتفق مفسرو جميع الأديان السماوية في هذه النقطة